الشدة المستنصرية وكيف أكل الناس لحوم البشر و الحيوانات فى مصر

0
(0)

شهدت مصر الكثير من المصائب والأزمات عبر التاريخ ولكن لم تمر عليها أزمة أشد من الشدة المستنصرية ، فهى أصعب أزمة حدثت لمصر منذ فجر التاريخ ، ولم تشهد مصر مثلها .

وفى خلال السطور التالية سوف نتعرف على الشدة المستنصرية وأسبابها وكيف زالت من مصر ..

 

كيف ومتى حدثت الشدة المستنصرية فى مصر ؟ 

وقعت الشدة المستنصرية عام ١٠٦٥م واستمرت حتى عام ١٠٧١م أثناء الخلافة الفاطمية فى عهد الخليفة الفاطمى المستنصر ، وامتدت هذه الأزمة لمدة سبع سنوات ، وقد ذكر المؤرخون ” أن الشدة المستنصرية من أشد المجاعات التى حدثت فى مصر ولم تشهدها البلاد منذ أيام النبى يوسف عليه السلام ” فاشتد الغلاء بالناس ، ولم يجد الناس ما يأكلونه ؛ مما اضطرهم لأكل بعضهم ، وكذلك اضطروا لأكل الحيوانات والدواب وحتى أكلوا نحاتة النخل .  

وقد بيع رغيف الخبز بخمسين دينارا ، حتى وصل الأمر إلى بيع الكلب بخمسة دنانير ، وحتى قيل : ” إن حارة مصرية قد بيعت بطبق خبز ؛ فعرفت تلك الحارة بعد ذلك بحارة طبق  ” ، وقد وصل الأمر إلى أن الخليفة الفاطمى المستنصر لم يجد ما يأكله فى تلك الأيام ، فكانت تعطف عليه امرأة من الأثرياء وهى الشريفة بنت صاحب السبيل وترسل له كل يوم بطبق لكى يأكل .   

 

أسباب الشدة المستنصرية 

1- يقال أن السبب الرئيسى لحدوث الشدة المستنصرية هو توقف فيضان النيل لمدة سبع سنوات بسبب ظلم العباد وانتشار الظلم و الفساد فى البلاد ، فقل منسوب النيل مما أدى إلى تصحر الأراضى الزراعية ، وانعدام الزراعة ، وكساد التجارة فى مصر ، وخراب البلاد المصرية وانتشار المجاعات فى كل أرجاء مصر ، مما أدى إلى موت الناس جوعا ، وعمت الفوضى فى البلاد وانتشرت أعمال السلب والنهب بين الناس ، وأشتدت المجاعة على الناس فأضطرهم ذلك لأكل الميتة ، وأكل الحيوانات والدواب ، حتى وصل بهم الحال لأكل بعضهم بعضا ، وقد ذكر ابن إياس ” أن الناس أكلت الميتة بل وصل بهم الأمر لأكل الأحياء من الناس أيضا ، فكانوا يضعون الخطاطيف فوق المنازل فى الأحياء والحوارى ؛ لإصطياد الناس المارة بالشوارع من فوق الأسطح وقتلهم وأكلهم ، فقل عدد الناس فى البلاد مما تسبب فى موت ثلث سكان مصر بسبب هذه الأزمة التى حلت بالبلاد فى العصر الفاطمى .

2- السبب الثانى والأهم لحدوث الشدة المستنصرية هو حدوث خلافات طاحنة بين الجنود الأتراك والبربر من جهة والجنود السودانيين من جهة أخرى وجميعهم تابعين للدولة الفاطمية ، فأدت هذه الخلافات بينهم لنشوب المعارك والصراعات مما جعل الجنود السودانيين يهربون إلى الصعيد فى جنوب مصر ، فعملوا على التخريب والإفساد انتقاما من الأتراك والبلد ، وقاموا بتخريب مصادر الرى هناك ، وعملوا على تدمير وتخريب طرق نقل البضائع من وإلى القاهرة ؛ مما نتج عنه أزمة شديدة فى الزراعة والتجارة وغيرها وانتشار الفوضى في البلاد .

3- وكان من ضمن أسباب الشدة المستنصرية بل ومن أهمها هو تحكم والدة الخليفة المستنصر فى مقاليد الحكم ، واستمرت فى إدارة شئون الحكم بالنيابة عنه فى أغلب أمور الدولة ، بل وصل بها الأمر أنها كانت تعين الوزراء حسب هواها ، فكان يتم تغيير الوزير كل شهر وكل أسبوع وأحيانا كل يوم ، وكل هذا أدى إلى فساد وخراب مصر وكان سببا فى حلول الكوارث على البلد .

4- ومن الأسباب الأخرى التى أدت لهذه الأزمة والشدة المستنصرية جشع التجار وتحكمهم فى السلع وخصوصا السلع والأغذية الحيوية و الهامة بالأسواق التجارية مثل : القمح والغلال واللحوم والخضروات وغيرها مما أدى إلى نفاذ هذه السلع من الأسواق والشارع المصرى ، وتحكم فئة قليلة فيها من أصحاب النفوذ من التجار وغيرهم من هؤلاء المحتكرين عديمى الدين والضمير ، فكل هذا تسبب فى حدوث مجاعة وأزمة شديدة فى البلاد .

استدعاء بدر الدين الجمالى

للقضاء على الشدة المستنصرية وإنقاذ مصر منها .

طلب الخليفة الفاطمى المستنصر من القائد بدر الدين الجمالى أمير الجيوش وهو بعكا أن يأتى لمصر ؛ لنجدته ومساعدته وتخليص البلد مما لحق بها من فساد ودمار وتخريب ، وأن يساعده فى رجوع سلطته على البلاد بعد أن فقد السيطرة عليها تماما وفلت زمام الدولة من يديه ، وبالفعل وافق بدر الدين الجمالى الحضور لمصر ، وقد وضع خطة محكمة للقضاء على الفساد الذى لحق بمصر. والقضاء على كل رؤوس الفتنة من المفسدين الذين خربوا ودمروا البلاد ، فأول عمل قام به هو القضاء على الأمراء الأتراك الذين سيطروا على البلد ودمروها بسبب فسادهم ، فعمل على قتلهم جميعا ، ثم قتل كل من عرف عنه فساده وظلمه من الأمراء ، والوزراء ، والقضاة وغيرهم ، حتى قيل عنه إنه قتل من أهل مصر خلائق كثيرة لايعلم عددها إلا خالقها ، فقد قتل من أهل البحيرة نحو عشرين ألف إنسان ، وقتل من أهل دمياط ، والإسكندرية ، والغربية والشرقية ، وبلاد الصعيد وأسوان ، وأهل القاهرة ، حتى تم له السيطرة على البلاد ورجوع الأمن فيها ، وحتى قيل عنه إنه كان يعمل فيها عمل الملوك ، واستطاع تعمير البلاد وإصلاحها بعد خرابها وفسادها ، وعمل على ضبط الأسواق المصرية وإصلاحها ، وتوفير السلع الغذائية للناس ، وضبط الأسعار ، والقبض على التجار الجشعين ، وأعاد التجار الأمناء الذين هربوا خارج البلاد خوفا على أموالهم وأنفسهم ، فأعادهم وأمنهم على أنفسهم وتجارتهم ، حتى استطاع بذلك ضبط الأسواق وتوفير الغذاء للناس ، والقضاء على الأزمة التى حلت بالبلاد .

وفى النهاية نرى أن الشدة المستنصرية كادت أن تقضى على مصر وأهلها لولا تدخل عناية الله عز وجل ، بأن أرسل لها بدر الدين الجمالى ذلك القائد العظيم الذى استطاع بأمر الله أن يقضى على هذه الشدة ، ويحارب الفساد والمفسدين الذين تسببوا فى حدوث هذه الأزمة وخراب البلاد .

ما مدى فائدة هذه المشاركة؟

إضغط على النجوم للتقييم!

عدد التقييمات : 0

لا توجد أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذه التدوينة.

الكاتب : عاطف محمد أبو المجد كاتب نشيط

الاسم : عاطف محمد أبو المجد محمد
الوظيفة : مدرس
المؤهلات العلمية : حاصل على ليسانس دار العلوم عام ٢٠٠٢م ، من جامعة المنيا ، وحاصل على تمهيدى ماجستير من كلية التربية جامعة سوهاج عام ٢٠١٩م

إنضم إلينا وشارك!

إنضم إلينا الان
انضم إلى مجتمعنا. قم بتوسيع معرفتك وشارك أفكارك ومقالاتك!

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن