مذبحة القلعة وكيف قضى محمد على باشا على أمراء المماليك

مذبحة القلعة والتى تعرف تاريخيا << بمذبحة المماليك >> واحدة من أبشع الجرائم الإنسانية على مر التاريخ ، وتعد نقطة سوداء فى تاريخ محمد على باشا والى مصر فى ذلك الوقت .

وفى السطور التالية سنتعرف على هذه الجريمة وتداعيات وأسباب حدوثها…

متى حدثت مذبحة القلعة ؟

وقعت هذه المذبحة فى غرة مارس عام ١٨١١م داخل قلعة صلاح الدين الأيوبى ، حيث قام محمد على باشا والى مصر بقتل وذبح المئات من أمراء المماليك والذى يقدر عددهم  بحوالى ٤٧٠ مملوكا ، وحدثت هذه الجريمة داخل قلعة صلاح الدين الأيوبى بالمقطم بالقاهرة .

كم كان عدد المماليك الذين قتلوا داخل القلعة ؟

يقدر عدد المماليك الذين قتلوا داخل القلعة بحوالى ٤٧٠ مملوكا  حسب أغلب الروايات والمصادر التى وثقت هذا الحدث الأليم ، وقد قيل إن قتل المماليك استمر حوالى ثلاثة أيام خارج القلعة فى الشوارع والبيوت وفى أنحاء مختلفة من القاهرة ، وقد قدر أن عدد القتلى من المماليك وصل إلى ١٠٠٠ مملوك .

كيف تم قتل المماليك داخل القلعة؟ 

بدأ محمد على باشا والى مصر يفكر فى كيفية التخلص من المماليك نهائيا ، فجهز حفلا ضخما بمناسبة تولى ابنه أحمد طوسون باشا قيادة الجيش الخارج إلى الحجاز للقضاء على حركة محمد عبد الوهاب فى نجد ، فدعا كبراء الدولة وأعيانها ، ودعا كبار الموظفين فى الدولة من العسكريين والمدنيين ، ودعا زعماء وأمراء المماليك لحضور هذا الحفل فحضر منهم حوالى ٤٧٠ مملوكا ، وبذلك تمت الخديعة التى وقع فيها هؤلاء المماليك عندما وافقوا على حضور هذا الحفل .

وعند تقليد الأمير طوسون باشا خلعة قيادة الجيش سار الجميع خلف موكب الإحتفال به ومن ضمنهم المماليك ساروا خلفه بأمر من محمد على باشا نفسه ، وعند خروج الموكب من القلعة استدرج المماليك إلى باب العزب أحد أبواب القلعة ؛ وبذلك وقعوا فى الفخ المحاك لهم ، وفجأة صعد الجنود الأرناؤوط فوق الأسوار ولم يلتفت المماليك لهذا بسبب كثرة الزحام ، ومن الغريب أن المماليك كانوا محاصرين  بين الجنود الأرناؤوط من الأمام والخلف ولم يدركوا هذا إلا بعد فوات الأوان ، وإذ فجأة أغلق باب القلعة أمام المماليك فاستدار الجنود الأرناؤوط إلى الخلف فى وجه المماليك وأطلقوا عليهم الرصاص ، وأطلق عليهم الرصاص من أعلى من فوق سور القلعة  ، ولم يستطع المماليك فى هذه اللحظة الهروب فقد أحكمت عليهم قبضة الغدر وحصدت أرواحهم جميعا بسبب الخيانة ، ولم ينجو من المماليك إلا واحد يدعى أمين بك كان فى مؤخرة الصفوف فاستطاع أن يقفز بفرسه من فوق سور القلعة وسقط على الأرض ونجا من الموت ثم هرب بعد ذلك إلى الشام . 

عدد الذين قتلوا من المماليك فى مذبحة القلعة   

راح ضحية تلك المذبحة كل من حضر من المماليك وكان عددهم حوالى ٤٧٠ مملوكا حسب أغلب الروايات والمصادر ، كما استمر قتل المماليك لمدة ثلاثة أيام بعد المذبحة خارج القلعة وفى أماكن و أنحاء مختلفة من القاهرة ، وقد وصل عدد القتلى إلى ١٠٠٠ مملوك ، وقيل فى رواية أخرى إن عددهم وصل إلى ١٢٠٠ مملوك ، وقد علقت رؤوس كبار المماليك على باب مسجد الحسين بالقاهرة ، وكان زعيم المماليك وشيخ البلد إبراهيم بك فى طرة فلم يحضر هذا الحفل ونجا من تلك المذبحة ، وعندما علم بما حدث هرب مع أتباعه إلى دنقله حيث بقى فيها حتى مات عام ١٨١٧م ، وبعد موته نقلت زوجته رفاته إلى القاهرة ، وقد استمر قتل المماليك لمدة ثلاثة أيام فى الشوارع والبيوت ، وساد الهرج والمرج ، وانتشر الذعر بين الناس ، وأغلقت الأسواق و الدكاكين بشوارع القاهرة ، وهرب الناس إلى بيوتهم ، وخلت الشوارع والطرقات من المارة ، ويقال إن الحى المقابل لباب العزب امتلأ بالدماء وظلت به الدماء فترة طويلة حتى لونت الأرض باللون الأحمر ؛ فلذلك سمى هذا المكان بالدرب الأحمر ، وانتشر الجنود الأرناؤوط فى شوارع القاهرة يفتكون بكل من يجدونه من المماليك ، ويقتحمون بيوتهم وينهبون ويسرقون ما تصل إليه أيديهم ويغتصبون نساء المماليك ، حتى قيل إن تجاوزات الجنود الأرناؤوط تعدت بالقتل والنهب حتى للعامة من المصريين فتعدوا على المصريين بالنهب والقتل ، وسادت الفوضى ثلاثة أيام قتل خلالها حوالى ١٠٠٠ مملوك ، وسرق ونهب خمسمائة بيت ، ولم تتوقف الفوضى بالبلاد ويتوقف النهب والسلب إلا عندما نزل محمد على باشا إلى شوارع المدينة وتمكن من السيطرة على جنوده الأرناؤوط وأعاد الأنضباط ، وقيل إنه أمر بقطع رؤوس من استمر فى النهب والإعتداء من الجنود الأرناؤوط على العامة من الناس ، وأمرهم بأن يقتصروا فقط بالقبض على المماليك الذين ظلوا أحياء داخل المدينة . 

▪︎الأسباب الحقيقية التى كانت وراء مذبحة القلعة  

يقال إن المدبر الفعلى لهذه المذبحة هو محمد لاظوغلى باشا أحد أهم رجال محمد على باشا ، والذى أنعم عليه بمنصب (الكتخدا ) أى نائب محمد على باشا ، كما تولى منصب رئيس الدواوين عام ١٨٠٨م ، وهو يعادل منصب رئيس الوزراء حاليا ، وكان هذا الرجل شديد الإخلاص لمحمد على باشا و ذراعه الأيمن ، وأنه هو الذى خطط ودبر مذبحة المماليك بالقلعة حتى يخلص محمد على باشا منهم نهائيا ، بعد أن نفذ صبر الأخير منهم ومن محاولاتهم للإنقلاب عليه ، فكانوا دائمى التمرد عليه ، وكان محمد على باشا دائما يسترضيهم بالمال والمناصب الكبرى والإقطاعات ، حتى عرض على أحدهم أن يتولى حكم الوجه القبلى ، ولكن المماليك كانوا دائما يتمردون عليه ويرون أنهم أولى منه بحكم مصر ، فكانوا على خلاف معه مستمر حتى أشيع أنهم يريدون قتله ، فمن أجل ذلك أراد محمد على قتلهم قبل أن يقتلوه ، فدبر لهم مذبحة القلعة بتدبير من محمد لاظوغلى باشا ذراعه الأيمن وأخلص رجاله ، وصاحب فكرة مذبحة المماليك ، وبالفعل قد تم القضاء على المماليك نهائيا الذين كانوا ينافسون محمد على باشا على الحكم وبذلك أصبح محمد على يحكم مصر بدون وجود منافسين له طوال فترة حكمه ..

وفى النهاية نرى أن مذبحة المماليك نقطة سوداء فى حياة محمد على باشا ووصمة عار لطخت اسمه ، وجريمة من أبشع الجرائم الإنسانية على مر التاريخ  إلى قيام الساعة . 

  

الكاتب : عاطف محمد أبو المجد كاتب نشيط

الاسم : عاطف محمد أبو المجد محمد
الوظيفة : مدرس
المؤهلات العلمية : حاصل على ليسانس دار العلوم عام ٢٠٠٢م ، من جامعة المنيا ، وحاصل على تمهيدى ماجستير من كلية التربية جامعة سوهاج عام ٢٠١٩م

إنضم إلينا وشارك!

إنضم إلينا الان
انضم إلى مجتمعنا. قم بتوسيع معرفتك وشارك أفكارك ومقالاتك!

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن