مصطلح الصحة الإنجابية ( جنس ام انجاب)؟! (1)

بهلوانية المصطلح مشهد يتكرر . .

تحت مظلة مطاطية المصطلح وضبابيته وغموضه ، وعند مشتملاته ومضمونه وفجاجته ، بل ووقاحته في غالب الأحيان ، تقف جحافل الاستعمار في ثوبها الجديد ، مستخدمة في حربها على القيم إستراتيجية بعيدة المدى ، تستهدف الاستعمار الثقافي والفكري وتزييف الوعي ، واختراق الخصوصية الحضارية والثقافية للشعوب ، وعبر معركة المصطلح قامت الأمم المتحدة ( الذراع التنظيمي) لتلك الدول ، بتبني العديد من المصطلحات ذات المضامين التي تمثل قناعات اغلب أعضائها من الدول الكبرى، وإدخال تلك المصطلحات إلى الشعوب بغرض تفكيك البناء العقدي للمجتمعات . 

وبالجرم المشهود نجد أن مؤتمرات الأمم المتحدة المتعاقبة استفاضت في طرق قضايا الحرية الجنسية ، وأسرفت في الدعوة إلى الإباحية الجنسية ، وتفننت في تسميتها بغير اسمها ، فظهرت مصطلحات مثل الجندر ، المتعايشين ، حقوق المثليين ، الثقافة الجنسية ، الصحة الإنجابية ، ونحو ذلك من المصطلحات التي تدعو بسفور إلى قبول الشذوذ الجنسي كممارسة مشروعة ، تدخل ضمن حقوق الإنسان ، وتوفر لممارسيها العناية الطبية والحماية القانونية .

 وقد استخدم مصطلح ( “الصحة الإنجابية”) لأول مرة في المؤتمر الدولي الذي عقد بالقاهرة حول السكان والتنمية عام  1994م , برعاية الأمم المتحدة والتي بالغت في التطرق إلى قضايا الصحة الإنجابية  , مما أثار حفيظة الأزهر وشيخه حول مشتملات المصطلح  آنذاك . 

ثم سرعان ما ظهرت بعد ذلك كتابات تؤكد أن هناك تحول هام في كل من التفكير والأسلوب المتبعين في مقاربة القضايا السكانية ، من التنظيم الصرف للسكان من خلال تنظيم الأسرة ، إلى  حقلٍ أوسع بكثيرٍ لا يقتصر على تحديد النسل بل يشمل أيضاً ممارسة الجنس الآمن ، والحمل الخالي من الإكراه والتمييز والعنف .

وقد تحدثت عن معناه صراحة (مارج بيرير) والتي تتولي تحرير مجلة (Reproductive health matters) والتي تصدر في بريطانيا في افتتاحية العدد رقم 6 نوفمبر 1998م حيث ذهبت في نهاية مقالها إلي أن :”معني الصحة الجنسية اشمل من ممارسة الجنس والاستمتاع به والحصول عليه دون مخاطر صحية فهي تعني بالقطع أكثر من مجرد غياب الأمراض الجنسية ، فالربط بين الجنس والصحة والذي يستلزم ضرورة الوقاية من الأمراض خلال ممارسة الجنس ، إنما هو خطوة أولي نحو الصحة الجنسية فمعني الصحة الجنسية تشير إلي كل أنواع الممارسات الجنسية ، حيث أوجدت صلة بين الشذوذ الجنسي والصحة الجنسية .

  لنجد أنفسنا هنا أمام ثلاث مصطلحات مترادفة في المعنى ( الصحة الإنجابية-الصحة الجنسية – الحقوق والواجبات الجنسية والإنجابية) ، وكذلك ازدواجية في مضمون المصطلح الذي عرف أيضا على انه( قدرة الجميع أفراد وأزواج على التمتع بحياة جنسية مرضية ومأمونة ) ،  وهذا يعني أن الصحة الجنسية أو الإنجابية هي تمتع المخاطب بهذا البند بغض النظر عن حالته الزوجية ، أو توجهه الجنسي – بكامل المعافاة في كل ما يخص جهازه التناسلي ووظائفه وعملياته . 

 الولايات المتحدة والفلبين موقفان متغايران 

  فقد تقدمت الولايات المتحدة  بمشروع قرار (Draft Resolution) تحت عنوان: “القضاء على وفيات الأمهات واعتلالهن عن طريق تمكين المرأة” (Eliminating maternal mortality and morbidity through the empowerment of women) ، والذي طالبت فيه الولايات المتحدة بتعليم الجنس للمراهقين ، وإتاحة وسائل منع الحمل لهم، وإباحة الإجهاض ، وتجريم الزواج المبكر مع تقنين العلاقات الجنسية بين المراهقين واعتبارها من حقوق الإنسان، و ضمان وصول المرأة الريفية إلى خدمات  الصحة الجنسية والإنجابية ، من خلال خدمات الصحة الأولية وفي هذا السياق لا تفرق الوثيقة بين المتزوجة وغير المتزوجة بينما وصفت المعارضة البرلمانية في الفلبين (مشروع قانون الصحة الإنجابية) المراد تمريره  ، بأنه يهدف إلى تدمير الآداب العامة والقيم العائلية ، وإن الموافقة على هذا القانون ، سيؤدى إلى أن تتفتح عقول أطفالنا أن الجنس هو شيء مباح لهم في مثل هذه السن ، وتوعيتهم بكيفية استخدام الواقي الذكرى ، وسيؤدي إلى حب الاستطلاع  مما يجبرهم على ممارسة الجنس ، لأن عقولهم ستكون ملوثة بمسألة التثقيف الجنسي ، حيث يرى البعض أن مناقشة الجنس مع الأطفال تكون من قبل المنزل  أي من  خلال الوالدين وليست من خلال برامج الشباب الحكومية ، والموافقة على مشروع هذا القانون يؤثر على حق الوالدين في تعليم أولادهم الأخلاق , وإذا تمت الموافقة على مشروع القانون فانه لا يمكن أن تتوقع أن ابنتك ستكون عذراء في سن خمسة عشر عاما ، مما يؤدى إلى زيادة الدعارة  .

ومن أهم السلبيات التي دعت إليها المؤتمرات الأممية الدعوة إلى التثقيف والتربية الجنسية ودمجها في مناهج التعليم ، وتيسير وتوزيع الواقيات الذكرية (الرفالات) بين الذكور على نطاق واسع وبأسعار زهيدة، والتقليل من قيمة عمل المرأة داخل المنزل ، ودعوة الحكومات للقيام بإصلاحات تشريعية وإدارية لتمكين المرأة من الحصول الكامل على الموارد الاقتصادية ، كحقها في الميراث بالتساوي مع الرجل . 

 ومن باب الإنصاف نعرض في نهاية المقال جانبا من الأمور الايجابية التي  دعت إليها المؤتمرات الأممية ومنها :-  الدعوة إلى تعليم المرأة ، وإزالة الأمية عنها, والدعوة إلى مكافحة الأمراض السارية عند النساء ، خاصة في البيئات الفقيرة , والدعوة إلى الرضاعة الطبيعية ، بالنسبة للأم ، وتشجيع وسائل الإعلام على الامتناع عن تصوير المرأة على أنها مخلوق أدنى منزلة من الرجل ، وكذلك عدم استغلالها مادة وسلعة في سوق الجنس ، والدعوة إلى المساواة بين الجنسين لنفس العمل ، والدعوة  إلى إعطاء أجازة أمومة للمرأة العاملة , ومكافحة التحرش الجنسي ضد المرأة في مواقع العمل وغيرها, ومسئولية الوالدين عن تربية الطفل وتنشئته تنشئة سوية, والتحذير من وأد البنات ، والانتقاء الجنسي قبل الولادة  . 

بقلم : رمضان عبد الباسط

الكاتب : رمضان عبد الباسط كاتب
اخبرنا شيئا عن نفسك.

إنضم إلينا وشارك!

إنضم إلينا الان
انضم إلى مجتمعنا. قم بتوسيع معرفتك وشارك أفكارك ومقالاتك!

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن