كيف نتعامل مع التنمر؟ أساليب فعالة لمكافحته في المدارس والمجتمعات

التنمر هو مشكلة شائعة في المجتمعات والمدارس والأماكن العامة، وأنه يسبب أضراراً جسيمة للضحايا والمجتمع بأكمله و من الضروري أن يتحلى الجميع بالوعي والتفهم حول أضرار التنمر، ويجب على المجتمعات والمدارس والأهل والأفراد التعاون معًا لتحديد الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى التنمر والعمل على التصدي لها.

تعريف التنمر :

يمكن تعريف التنمر كسلوك يتضمن استخدام القوة أو السلطة لإيذاء الآخرين بشكل متكرر ومن قبل شخص أو مجموعة يمتلكون القدرة على التأثير على الضحايا. ويتميز التنمر بالتعمد في إيذاء الضحية بصورة جسدية أو نفسية أو عاطفية أو اجتماعية، وعادة ما يحدث التنمر على مدى فترة زمنية طويلة، مما يؤدي في بعض الحالات إلى انعزال الضحية وعدم الرغبة في الاجتماع بالآخرين.

يمكن أن يحدث التنمر في أي سياق، بما في ذلك المدارس والأماكن العامة والعمل وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. ويمكن أن يكون التنمر على شكل لفظي، حيث يتم استخدام الكلمات لإيذاء الضحية، أو على شكل عنف جسدي، أو على شكل إيذاء نفسي يؤدي إلى تدني مستوى ثقة الضحية بنفسها وتدهور حالتها النفسية والصحية بشكل عام.

بشكل عام، فإن التنمر يشكل مشكلة كبيرة في المجتمعات، حيث يمكن أن يؤدي إلى أضرار نفسية واجتماعية خطيرة للأفراد والمجتمعات على المدى البعيد. ومن هنا، فإن العمل على مكافحة التنمر يعد أمرًا ضروريًا لضمان إيجابية العلاقات الاجتماعية ونمو المجتمعات بشكل صحي.

الآثار النفسيه و الاجتماعيه للتنمر :

التنمر يترك آثارًا سلبية على الضحايا وعلى المجتمع بشكل عام. ومن بين الآثار النفسية للتنمر، يمكن ذكر:

تدهور الصحة النفسية: 

يشعر الضحية بالقلق والاكتئاب والإحباط والإحساس بعدم القدرة على التعامل مع المواقف، وتتفاقم هذه الآثار مع مرور الوقت واستمرار التنمر.

الانعزال الاجتماعي: 

يشعر الضحية بالرغبة في الانعزال عن المجتمع وعدم الاحتكاك بالآخرين، وهذا يؤدي إلى تقليل فرص التواصل الاجتماعي والتفاعل مع الآخرين.

تدهور العلاقات الاجتماعية: 

يؤدي التنمر إلى تدهور العلاقات الاجتماعية للضحية مع الأشخاص المحيطين به، مما يزيد من عدم الثقة في الآخرين.

ومن بين الآثار الاجتماعية للتنمر، يمكن ذكر:

تقليل الإنتاجية: 

يمكن أن يؤدي التنمر في بعض الحالات إلى تقليل الإنتاجية والكفاءة في العمل.

تدهور العلاقات الاجتماعية في المجتمع:

 يمكن أن يؤدي التنمر إلى تدهور العلاقات الاجتماعية في المجتمع، مما يؤدي إلى عدم الرغبة في التفاعل مع الآخرين ويؤثر على جودة الحياة في المجتمع.

انعكاس سلبي على الأطفال: 

يمكن أن يؤدي التنمر في المدارس إلى انخفاض مستوى الثقة لدى الأطفال، وزيادة مشاعر القلق والإحباط، وترك أثر على التعلم والتطور النفسي والاجتماعي.

انواع التنمر

تعتبر أشكال التنمر متعددة ومتنوعة، ومن بينها :

  1. التنمر المدرسي : وهو التنمر الذي يحدث في المدارس، وقد يشمل السب والشتم والإساءة إلى الطالب من قبل زملائه.
  2. التنمر الجنسي : وهو التنمر الذي يتعلق بالنواحي الجنسية، وقد يتمثل في الاعتداء الجنسي أو التحرش الجنسي أو التعرض للضحك والاستهزاء بسبب المظهر الجنسي.
  3. التنمر الاجتماعي وهو التنمر الذي يشمل الاستهزاء بالأشخاص بسبب أصولهم الاجتماعية أو لهجتهم أو طريقة تفكيرهم.
  4. التنمر العنصري : وهو التنمر الذي يتعلق بالعرق أو اللون أو الثقافة، وقد يشمل الاستهزاء بسبب العرق أو اللون أو اللهجة.
  5. التنمر الإلكتروني : وهو التنمر الذي يتم عبر الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، وقد يتضمن الإساءة اللفظية أو النشر الإلكتروني للصور الخاصة أو الإساءة إلى الشخصية.
  6. التنمر في مكان العمل وهو التنمر الذي يحدث في بيئة العمل، وقد يشمل الإساءة اللفظية أو تقييد الفرص المهنية أو تحريض الآخرين على معاقبة الموظف.

العوامل التي قد تؤدي إلى حدوث التنمر :

توجد العديد من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى حدوث التنمر، ومن بين هذه العوامل:

الضغوط الاجتماعية:

 قد يشعر بعض الأشخاص بالضغط الاجتماعي الشديد الذي يؤدي إلى التصرفات العدوانية أو التنمر على الآخرين.

الانفصال الاجتماعي:

 يمكن أن يكون الشعور بالانفصال الاجتماعي عاملاً رئيسياً في حدوث التنمر، حيث يمكن أن يعزز الشخصية ويزيد الثقة بالنفس عند بعض الأفراد على حساب الآخرين.

الظروف العائلية: 

يمكن أن تؤثر الظروف العائلية مثل الإهمال والعنف الأسري والتربية الصارمة في تطوير النمط العدواني لدى الأفراد.

الضعف النفسي:

 يمكن أن يكون الشعور بالضعف النفسي وعدم الثقة بالنفس عاملاً في تعرض الأشخاص للتنمر.

الفراغ العاطفي: 

يمكن أن يكون الفراغ العاطفي والشعور بالوحدة والعزلة والانطواء عاملاً في حدوث التنمر، حيث يمكن أن يستخدم الأشخاص التنمر كوسيلة للتعويض عن الفراغ العاطفي.

الثقافة المدمرة: 

يمكن أن تشجع بعض الثقافات السلوكيات العدوانية والتنمر كجزء من السلوك الاجتماعي

 الدراسات والإحصائيات التي تتعلق بالتنمر

وفيما يلي بعض الأبحاث والإحصائيات المهمة، والتي تشير إلى مدى انتشار هذه المشكلة وتأثيرها على الأفراد والمجتمعات :

1- دراسة أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2021، أظهرت أن حوالي 20% من الطلاب يتعرضون للتنمر في المدارس. ووفقاً للدراسة، فإن الطلاب الذين يتعرضون للتنمر يشعرون بالقلق والاكتئاب ويعانون من صعوبات في التركيز والتعلم.

2- دراسة أجريت في بريطانيا عام 2019، أظهرت أن حوالي 75% من الشباب تعرضوا للتنمر على الإنترنت، وأن هذا الأمر يؤثر على حالتهم النفسية ويزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب والقلق.

3- دراسة أجريت في الدول العربية عام 2020، أظهرت أن 42% من الشباب في المنطقة يتعرضون للتنمر الإلكتروني، وأن هذا الأمر يؤثر على حالتهم النفسية والصحية.

4- بحث أجرته منظمة الصحة العالمية عام 2018، أظهر أن واحدًا من كل ثلاثة أطفال في جميع أنحاء العالم يتعرضون للتنمر في المدارس، وأن التنمر يؤثر على صحة الأطفال ورفاهيتهم النفسية والاجتماعية.

5- بحث أجرته مؤسسة Cyberbullying Research Center في الولايات المتحدة عام 2020، أظهر أن 37٪ من الشباب في الولايات المتحدة تعرضوا للتنمر عبر الإنترنت خلال العام الماضي، وأن 30٪ منهم تعرضوا للتنمر عبر الهواتف المحمولة.

6- بحث أجرته جامعة ميشيغان في الولايات المتحدة عام 2017، أظهر أن الأطفال الذين يتعرضون للتنمر يشعرون بالتوتر والقلق والاكتئاب، وأن الآثار النفسية للتنمر يمكن أن تستمر حتى بعد انتهاء الفترة الزمنية التي تم فيها التنمر.

7- بحث أجرته منظمة اليونيسيف عام 2019، أظهر أن الفتيات يتعرضن للتنمر أكثر من الفتيان، وأن الأطفال الذين يعانون من الفقر والتمييز يتعرضون للتنمر بشكل أكبر.

تشير هذه الدراسات والإحصائيات إلى أهمية تكثيف الجهود لمكافحة التنمر وتوعية الناس بأضرارها على المدى الطويل، سواء كان ذلك في المدارس أو في المجتمع بشكل عام. 

الإجراءات التي يجب اتخاذها للعلاج و الوقايه من التنمر :

للتصدي لظاهرة التنمر والحد من تأثيرها، يمكن اتخاذ العديد من الإجراءات والتدابير، ومن بين هذه الإجراءات:

التوعية والتثقيف:

 يجب توعية الجمهور بأضرار التنمر على الصحة النفسية والجسدية، والتركيز على أهمية الاحترام والتعاون والتعاطف في بناء مجتمع صحي ومستقر.

تشجيع الثقة بالنفس: 

يجب دعم الأشخاص الذين يعانون من الضعف النفسي وتشجيعهم على الاعتماد على قدراتهم وإيجاد الدعم اللازم من أسرتهم ومجتمعهم.

الحوار والتواصل: 

يجب تشجيع الحوار والتواصل الفعال بين الأفراد والمجتمعات والمؤسسات، وتعزيز القيم الإيجابية مثل الاحترام والتعاون.

التدريب على مهارات التعامل الاجتماعي: 

يمكن تدريب الأفراد على مهارات التعامل الاجتماعي والتواصل والتعاون والتعاطف لتقليل حدوث التنمر.

الرصد والتدخل المبكر:

 يجب الرصد المستمر لأي حالات تنمر والتدخل المبكر للحد من آثارها، ويمكن تطوير نظام إبلاغ موثوق لتسجيل حالات التنمر وتوفير الدعم اللازم للضحايا.

التعاون مع المؤسسات المعنية: 

يجب التعاون مع المؤسسات المختلفة مثل المدارس والجامعات والمجتمعات المحلية والمراكز الصحية والمنظمات غير الحكومية لتنسيق الجهود في التصدي لظاهرة التنمر.

تعزيز القيم الإيجابية: 

يجب تعزيز القيم الإيجابية مثل الاحترام والتعاون والتعاطف وتقديم سلوكيات إيجابية يمكن اتباعها كنموذج يحتذى به، مما يعمل على تغيير ثقافة المجتمع وتشجيع الأفراد على التصرف بطريقة إيجابية ومسؤولة.

التدخل العلاجي: 

في حالات التنمر المتقدمة والتي يتطلب تدخل علاجي، يمكن الاستعانة بالخبراء في مجال الصحة النفسية والاجتماعية، وتوفير الدعم النفسي والعلاجي اللازم للضحايا والجانحين.

تشجيع المشاركة المجتمعية: 

يمكن تشجيع المشاركة المجتمعية في تنظيم الأنشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية وغيرها، وتوفير بيئة إيجابية وآمنة للجميع، مما يعمل على تعزيز الروابط الاجتماعية والتعاون والتفاهم بين الأفراد.

التشريعات والسياسات الحكومية: 

يجب تبني التشريعات والسياسات الحكومية المناسبة للحد من ظاهرة التنمر، وتوفير الدعم اللازم للضحايا والجانحين، وتعزيز الوعي الاجتماعي حول أهمية مكافحة التنمر وتأثيراته السلبية على المجتمع.

دور المجتمع في مكافحة التنمر :

يمثل التنمر ظاهرة اجتماعية خطيرة تتطلب تعاون جميع أفراد المجتمع لمكافحتها والحد من تأثيراتها السلبية على الأفراد والمجتمع. ويمكن للمجتمع أن يلعب دورًا مهمًا في مكافحة التنمر، وذلك من خلال:

تعزيز الوعي الاجتماعي: 

يمكن تعزيز الوعي الاجتماعي بأهمية مكافحة التنمر، وتوفير المعلومات والخطط الوقائية لتجنب هذه الظاهرة.

توفير الدعم النفسي والاجتماعي:

 يمكن توفير الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا والجانحين، وتشجيع النقاش والتعاون لإيجاد الحلول المناسبة.

تشجيع الثقافة الإيجابية: 

يمكن تشجيع الثقافة الإيجابية والتعاون والتفاهم بين الأفراد، وتحفيز المبادرات الاجتماعية التي تعمل على تقوية العلاقات الاجتماعية.

دعم البحوث والدراسات: 

يمكن دعم البحوث والدراسات المختصة في مجال التنمر، وذلك لتحليل أسبابه وتأثيراته، وتطوير الحلول اللازمة لمكافحته.

التعاون مع المؤسسات والجهات المعنية:

 يمكن التعاون مع المؤسسات والجهات المعنية بمكافحة التنمر، وتطوير الخطط والبرامج اللازمة للحد من هذه الظاهرة.

السياسات و التشريعات التي تهدف الي مكافحه التنمر :

تعتبر التشريعات والسياسات التي تهدف إلى مكافحة التنمر جزءًا هامًا من الاستراتيجيات الشاملة للتصدي لهذه المشكلة. وفيما يلي بعض السياسات والتشريعات المهمة في هذا الصدد:

التشريعات المدنية والجنائية:

 يجب أن تكون هناك تشريعات صارمة تجرم التنمر وتحدد العقوبات اللازمة للجرائم المرتبطة به. وتشمل هذه التشريعات المدنية والجنائية التي تحظر التنمر في المدارس وفي مواقع العمل والأماكن العامة.

توفير التعليم والتدريب: 

يجب على المدارس والمؤسسات العاملة والخاصة توفير التدريب والتعليم اللازم للموظفين والطلاب وأولياء الأمور والمجتمع بشكل عام حول التأثيرات السلبية للتنمر وكيفية التعامل معه والوقاية منه.

تعزيز الوعي العام: 

يجب على المجتمع بأكمله تعزيز الوعي العام بمشكلة التنمر وتأثيراته السلبية على الضحايا. ويمكن ذلك من خلال توعية الناس حول أهمية الالتزام بالقيم الأخلاقية والاجتماعية والتربية على التعاطف والاحترام المتبادل.

دعم الضحايا وتوفير المساعدة: 

يجب على المجتمع توفير الدعم اللازم للضحايا من خلال تقديم الاستشارة النفسية والعلاج والرعاية اللازمة لهم. كما يجب توفير خدمات الدعم والتعويض المالي للضحايا في بعض الحالات.

تشجيع الإبلاغ عن التنمر:

 يجب على المجتمع تشجيع الأشخاص على الإبلاغ عن حالات التنمر التي يشهدونها أو يعانون منها.

و يجب أن نؤكد على أن التنمر هو مشكلة شائعة في المجتمعات والمدارس والأماكن العامة، وأنه يسبب أضراراً جسيمة للضحايا والمجتمع بأكمله.

من الضروري أن يتحلى الجميع بالوعي والتفهم حول أضرار التنمر، ويجب على المجتمعات والمدارس والأهل والأفراد التعاون معًا لتحديد الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى التنمر والعمل على التصدي لها.

على الصعيد الشخصي، يمكن للأفراد المساهمة في مكافحة التنمر من خلال تعزيز الثقة بالنفس وتطوير مهارات التواصل والتعامل مع الآخرين بشكل إيجابي واحترام الاختلافات بين الأشخاص.

في النهاية، يجب علينا جميعًا أن نتذكر أن كل شخص يستحق الاحترام والتقدير، وأنه من واجبنا جميعًا العمل على بناء مجتمع يعتمد على الاحترام والتعاون والتسامح، بعيداً عن التنمر وأية أشكال أخرى من السلوكيات السلبية. 

الكاتب : أكرم رمضان كاتب
اخبرنا شيئا عن نفسك.

إنضم إلينا وشارك!

إنضم إلينا الان
انضم إلى مجتمعنا. قم بتوسيع معرفتك وشارك أفكارك ومقالاتك!

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن