كيف لأكبر طاغية فى التاريخ أن تقتله بعوضة؟

النمرود .. هو أول طاغية فى التاريخ، ويدعى النمرود بن كنعانبن كوش بن سام بن نوح، وكان يقطن منطقة معروفة باسم أرض بابل، ويعد من أعظم ملوك الأرض، وهو من الملوك الكافرين وأول من تعلم السحر على يد إبليس، وأول من وضع التاج على رأسه وتجبر في الأرض وادعى الربوبية، حكم الأرض من مشرقها لمغربها، واستمر في ملكه أربعمائة سنة، بنى النمرود أحد عجائب الدنيا السبع، وهى برج بابل عظيم الصرح،وإمتلك جيشاً جباراً تهابه كل جيوش الأرض فلا يجرؤ أحد منهم على تحديه ولا المثول أمامه.

هذا الملك تكبر وتجبر فى الأرض، فكان لايقبل فكرة وجود ملك بكل الأرض غيره، فكان دائماً يقول”أننى أنا إلهكم من ملكت الأرض وماعليها”، وكانت شعوب بابل حينها تعبد الشمس والكواكب، أما النمرود فكان يعبد الأصنام، ومن غروره وطغيانه قام بصناعة تمثال يشبهه وأمر الناس أن يعبدوه ويسجدوا له.

النمرود فى صغره

كان النمرود فى صغره يعيش متنعماً برغد العيش، وكان لديه حلماً واحداً، وهو أن يصبح حاكماً للبلاد وماعليها، وفى أحد الأيام كان النمرود يغتسل، وإذا برجل أحدب يرتدى ملابس سوداء تغطيه كاملاً دخل عليه، وبصوت تملأه السخرية قال له”أأنت إذا من ستملك الأرض ومن عليها”، فإستشاط النمرود غضباً وأمر بقتل هذا الرجل، وبالفعل تم قتله، لكنه عندما صعد لغرفته وجد الرجل الأحدب أمامه ولم يمت، فتعجب وسأله”من أنت ؟”، فقال له أنا ملك النور يوم أن خلق النور، وإذا أردت أن تصبح ملكاً عظيماً تحكم البلاد ومن عليها فعليك رؤية هيئتى الحقيقة، وعندما وافق النمرود، رأى رجلاً عظيم البنية يكسو الشعر جسده كله، وقد كان ذلك الرجل هو إبليس !!

أمره إبليس أن يسجد له مقابل منحه القوة، وكان لإبليس ما أراد وسجد له النمرود، وبهذا الفعل كان أول إنسان يبيع روحه للشيطان مقابل حصوله على النفوذ والسلطة، علمه إبليس السحر ليصير أعظم حام فى البلاد، وعندما أتقن النمرود فنون السحر، أمره إبليس بقتل والده وبذلك أصبح له الحكم من بعده، وإمتلك جسشاً لايقهر، إستخدمه فى الغزو على البلاد من حوله، حتى أصبح ملك الأقاليم السبع،كان النمرود يملك القمح والطعام وله الأحقية الأولى والأخيرة في التصرف بهم كيفما يشاء يؤتيهما من يشاء ويمنعهما عمن يشاء.

رؤيا النمرود

رأى النمرود حلماً فى منامه جعله يضطرب، فقد رأى كوكباً فى السماء أخفى ضوء الشمس، فأرسل يطلب الكهنة والمنجمين لتفسير رؤيته، فكان ردهم أنه سيولد ولد سيكون هلاكه على يديه، فأمر النمرود بذبح كل غلام يولد، وبهذه السنة ولد سيدنا إبراهيم عليه السلام ولكن والدته أخفته من شدة خوفها عليه, وعندما كبر تحدى النمرود وكان سبباً فى هلاكه.

عندما كبر سيدنا إبراهيم وأصبح شاباً، أخذ يتفكر فى خالق الكون، وتوصل فى النهاية الى أن هذه الأصنام التى يعبدها قومه ماهى إلا تماثيل صنعوها بأيديهم لاتنفع ولا تضر فكيف يعبدونها، وبدء يدعوا قومه الى ترك عبادة النمرود الذى إدعى الألوهية وترك عبادة الأصنام وعبادة الله الواحد، لكنهم لم يستجيبوا له، وفى يوم من الأيام ذهب قومه خارج المدينة يحتفلون، فذهب إبراهيم وكسر جميع الأصنام إلا أكبرهم ليثبت لهم أنها لاتستطيع الدفاع عن نفسها فكيف تدافع عنهم, وعندما عادوا ووجدوا أصنامهم مهدمة سألوه من فعل هذا فرد عليهم ساخراً، أن أكبرهم من فعل هذا، فغضبوا منه غضباً شديداً، فلجأوا للقوة استكباراً، وارادوا إحراقه بالنار، ولكن برحمة من الله سبحانه وتعالى نجا إبراهيم من النار.

 قصة النمرود مع سيدنا إبراهيم

ارسل الله سيدنا إبراهيم للنمرود ليدعوه الى عبادة الله تعالى وحده، وترك العند والتكبر الذى كان عليه، فما كان من هذا المتكبر إلا أن رفض هذه الدعوة، حيث ان النمرود كان يأمر الناس بعبادته كما فعل فرعون من بعده، وهنا امر النمرود بمقابلة نبي الله ابراهيم عليه السلام فذهب اليه فدار بينهما حوار، فقال النمرود لنبي الله ابراهيم من ربك فقال نبي الله ربي الذي خلق كل شئ وهو الذي يحيي ويميت فقال له النمرود انا احيي واميت فأتي النمرود برجلين فقتل احداهما وترك الاخر فقال النمرد فها انا ذاك احييت رجلا وامت الاخر فقال له نبي الله ابراهيم ان الله يأتي بالشمس من المشرق فاتي بها من المغرب وهنا عجز النمرود امام نبي الله ابراهيم، وظهر عجز النمرود وبطلان كلامه وزعمه الواهي، فسكت ولم يُجب، وظهر بذلك صدق دعوة سيدنا إبراهيم -عليه السلام- وكذب النمرود.

نهاية النمرود

آمن الكثيرون بدعوى سيدنا إبراهيم، لكن كان النمرود يقتل كل من آمن بالله وبرسالة إبراهيم،  وهنا اتحد المؤمنون وكونوا جيشا لكي يقاتلوا جيش النمرود ولكن كان جيش النمرود اكثر عددا وعده فكانت اسلحة الناس بسيطة امام اسلحة جنود النمرود، وقد خاض الفريقان قتالا شرسا في ساحة المعركة،  وعندما رأي المؤمنون كثرة عدد جيش النمرود واسلحتهم دعوا الله ان ينصرهم عليه وجنوده، فاستجاب لهم الله، وارسل جيشا من البعوض علي النمرود وجيشه أكل لحم جنوده وتركهم عظاماً، أما النمرود استطاع الهرب بمجموعه قليلة من جنوده واختبأ في برج بابل ولكن استطاعت بعوضه ان تلحق به وتمكنت البعوضة ان تدخل في فى أنفه وتوغلت الى راسه وكانت اذا تحركت في راس النمرود جن جنونه وكان النمرود لا يهدأ الا اذا ضرب بالنعال علي راسه واستمرت البعوض داخل راسه اربعين عاما ومات النمرود عندما ضرب نفسه في احدي المرات ضربه قسمت راسه نصفين وخرجت البعوضة من رأسه حجمها في حجم العصفور وفي النهاية أهلكه الله ببعوضة صغيرة كانت السبب فى هلاكه.

الدروس المستفادة من قصة النمرود

من المعلوم أنّ قصّة النمرود وعِناده بالحوار مع إبراهيم -عليه السّلام- واردة في القرآن الكريم، ممّا يعني احتواء هذه القصة على العديد من العِبَر والعِظات، وفيما يأتي بيانها:

 أنّ الإنسان الواثق بالله -سبحانه وتعالى- يجب عليه أن يُبدي الحقّ دائمًا، ولا يستمع إلى الطواغيت والجبابرة، وأن الله -تعالى- وحده النّاصر لعباده.

 أنّ الإنسان مهما يظنّ أنَّه امتلك الدّنيا بقوّته وسلطانه، فهو إنسانٌ ضعيف، ليس له حولٌ ولا قوّة، وليس عليه سوى عبادة الله -تعالى- وامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

أنّ العناد والتكبّر والجهل، هو أساس الظالمين والطّاغين، ونهايتهم ستكون بصورة مُخيفة. خلاصة المقال: أن الإنسان الطّاغي والمتجبّر ستكون نهايته وخيمة، وأنّه مهما حاول أن يتكبّر ويدّعي القوّة والألوهية فهو إنسان ضعيفٌ للغاية، ولا بُدّ للمسلم أن يصبر على هؤلاء المتكبّرين؛ لِما في ذلك من أجر عظيم في الدّنيا والآخرة، وعليه أيضًا أن يحرص على إعلاء كلمة الله -تعالى-، ألاّ وهي كلمة الحقّ.

 

 د. جيهان السنباطى

إعلامية وكاتبة رأى وأديبة مصرية

 

 

 

الكاتب : جيهان السمباطي كاتب
اخبرنا شيئا عن نفسك.

إنضم إلينا وشارك!

إنضم إلينا الان
انضم إلى مجتمعنا. قم بتوسيع معرفتك وشارك أفكارك ومقالاتك!

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن