خالد بن الوليد يعد أحد أهم القادة المسلمين فى التاريخ الإسلامى ، بل واحدا من أفضل القادة العسكريين عبر التاريخ والذى لم يهزم فى أى معركة خاضها فى حياته ؛ حتى قيل عنه : ” القائد الذى لم يهزم فى فى معركة واحدة طوال حياته ” .
▪︎ نشأته وحياته قبل الإسلام
هو خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومى القرشى ، ووالده هو الوليد بن المغيرة ، كان سيدا من سادات قريش ، وكان يلقب بريحانة قريش ، وكان أكثر العرب مالا وشرفا ، وقد نشأ وترعرع خالد بن الوليد فى قبيلة بنى مخزوم التى تعد من أقوى القبائل العربية فى مكة ، وذات الشأن الرفيع فى قريش ومن حولها من القبائل ، ونشأ خالد وتربى فى أعرق بيوت بنى مخزوم ، وأعلاها ، وأشرفها ، وأغناها ، فى بيت رئاسة و زعامة ، حيث كان أبوه الوليد بن المغيرة زعيما لقريش ، وذا قدر فيها ومكانة عالية ، وقد اكتسب خالد بن الوليد من أبيه الوليد بن المغيرة الكثير من الصفات التى ظهرت وتجلت بعد ذلك فى عبقريته الحربية وأخلاقه العظيمة مثل العزة ، والشجاعة والإقدام ، وقوة البأس على الأعداء ، وحب المخاطرة ، والفروسية وغيرها من الصفات .
نشأ خالد بن الوليد فى مكة المكرمة وولد فيها عام ٥٩٢ ميلادية قبل الهجرة بثلاثين سنة ، وكان خالد بن الوليد من أشد أعداء الإسلام فى البداية وشارك مع الكفار فى حربهم ضد المسلمين فى معركة أحد فى العام الثالث الهجرى ، وقاتل المسلمين قتالا عنيفا فى هذه المعركة ، وظهرت حنكته الحربية والعسكرية فى تلك المعركة عندما انتهزت فرصة مغادرة الرماة المسلمين مكانهم الذى أمرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم فى المعركة لحماية ظهور المسلمين فخالفوا أمره وتركوا المكان طمعا فى أخذ الغنائم ، فاستغل خالد بن الوليد هو وجنوده هذه الفرصة وقتلوا الرماة جميعهم ، مما انقلب فوز المسلمين إلى هزيمة فى تلك المعركة ؛ بسبب مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم .
▪︎ صفات وأخلاق خالد بن الوليد
تميز خالد بن الوليد بالقوة البدنية والبنية الجسدية الشديدة ، وأيضا تميز بطول القامة الشديد لدرجة أنه عندنا يرى من بعيد يظن الناس أنه عمر بن الخطاب رضى الله عنه بسبب التشابه الشديد الذى كان بينهما ، ومن ضمن الصفات التى تميز بها خالد بن الوليد الشجاعة والإقدام ، وقوة البأس فى المعارك ، وأيضا عرف عنه الكرم والسخاء والإيثار ، وحب التضحية والفداء ، كما اتصف بالحنكة ، وحسن القيادة ، والتفكير العميق ، فلم يتخذ قرارا إلا بعد تفكير شديد ، وتميز بالمهارة الحربية وخفة الحركة فى الكر والفر ، وكان خالد بن الوليد فصيحا و بليغا يستطيع أن يأثر قلوب جنوده بخطبة جميلة تحثهم بشدة على قتال الأعداء .
▪︎ إسلام خالد بن الوليد
أسلم خالد بن الوليد رضى الله عنه متأخرا فى العام الثامن الهجرى بعد صلح الحديبية و قبل فتح مكة بعد أن تجاوز عمره الأربعين ، وذلك بعد أن علم بسؤال النبى صلى الله عليه وسلم عنه حين دخل مكة لأداء عمرة القضاء ، حيث شعر خالد بن الوليد رضى الله عنه من سؤال النبى صلى الله عليه وسلم عنه بتقدير واهتمام فسر بذلك سرورا عظيما ؛ مما جعله ينشرح قلبه للإسلام وتزداد رغبته فى اعتناق دين الإسلام فتشجع وأسلم ، وأصبح خالد بن الوليد من أعظم فرسان المسلمين وأكثرهم نكاية على الأعداء .
▪︎ عبقرية خالد بن الوليد العسكرية
ظهرت على خالد بن الوليد منذ صغره ملامح عبقريته العسكرية و وفروسيته ؛ مما جعل والده الوليد بن المغيرة يختاره لقيادة الخيل ، وأصبح بعد ذلك قائد فرسان قريش ، ويعد خالد بن الوليد الفارس المغوار العربى الذى لا يشق له غبار والذى لم يهزم فى معركة واحدة طوال حياته ، وقد تعلم خالد بن الوليد رضى الله عنه منذ صباه كل ما يحتاجه الفارس من فنون الحرب وأساليب القتال ، إلى جانب مهارات القيادة والزعامة العسكرية والخطط الحربية .
▪︎ أسباب عبقرية خالد بن الوليد العسكرية
لم يكن خالد بن الوليد أكثر الصحابة قوة وشجاعة بل كان فيهم من هو أقوى منه وأكثر منه شجاعة ولكن تميز خالد بن الوليد عليهم جميعا بعبقريته العسكرية وهى حسن تخطيطه للمعارك قبل وأثناء المعركة ، واستخدامه للخطط الحربية الناجحة ، والتنوع فى أساليب القتال ، والمهارة فى ترتيب الجيوش وحسن إدارتها ، إلى جانب أنه لا يقدم على فعل شىء إلا بعد تفكير شديد ودراسة عميقة ، ومهارته فى استغلال الثغرات والأخطاء العسكرية للعدو كما حدث فى معركة أحد ، وأيضا من أسرار عبقريته العسكرية حسن معاملته لجنوده وفرسان جيشه وإحترامه الشديد لهم ، وهذا السبب من أهم أسباب نجاح قادة الجيوش فى العالم .
▪︎ مشاهد من عبقرية خالد بن الوليد العسكرية
١- استطاع خالد بن الوليد أن يحول هزيمة قريش إلى نصر فى معركة أحد مع المسلمين عام ٣ هجريا ، بعد أن استغل ثغرة حربية بذكائه الشديد وذلك عندما لاحظ أن الرماة المسلمين تركوا موقعهم الذى أمرهم به الرسول ونزلوا من الجبل ؛ لكى يجمعوا الغنائم فاستغل خالد هذه الفرصة الذهبية واستدار وهجم بجيشه على الرماة وقتلهم جميعا مما تسبب ذلك فى اضطراب جيش المسلمين وهزيمتهم من جراء ذلك مما قلب نصرهم إلى هزيمة على أيدى الكفار .
٢- وظهرت عبقرية خالد بن الوليد فى حروب الردة بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم عام ١١ هجريا ، حيث انقلبت بعض القبائل العربية على خلافة أبى بكر الصديق وارتدت عن الإسلام ؛ فتصدى لهم أبو بكر الصديق رضى الله عنه وأرسل لهم من يقاتلهم قتالا عنيفا وأرسل لهم الجيوش تلو الجيوش ، وأرسل جيشا كبيرا بقيادة خالد بن الوليد لقتال بنى حنيفة باليمامة قوم مسيلمة الكذاب الذى ادعى النبوة ، وهم يومئذ أكثر العرب عددا وأشدهم شوكة ، فاستشهد من الصحابة عدد كبير وأكثرهم من حفظة القرآن الكريم ، وكانت معركة دامية قتل فيها خلق كثير من الطرفين أكثرهم من المرتدين ، وكانت من أشد المعارك التى دارت بين المسلمين وأهل اليمامة معركة سميت “بحديقة الموت” نظرا لكثرة من مات فى تلك الحديقة بأرض اليمامة ، ولكن إستطاع خالد بن الوليد هزيمة قوم مسيلمة الكذاب وقاتلهم قتالا عنيفا حتى استطاع هزيمتهم وفى النهاية قتل مسيلمة الكذاب على يد وحشى بن حرب وانتهت المعركة بفوز المسلمين وهزيمة المرتدين .
ومن خلال كلامنا عن خالد بن الوليد رضى الله عنه نرى أن الله عزوجل قد حبى هذا القائد العظيم بعبقرية عسكرية لا مثيل لها ، استطاع من خلالها الفوز فى جميع حروبه ومعاركه طوال حياته حتى قيل عنه : ” خاض حوالى مائة معركة فى حياته فى الجاهلية والإسلام ولم يهزم فى معركة واحدة ” ، رحم الله هذا الصحابى الجليل والقائد العظيم
الذى لا يشق له غبار خالد بن الوليد وادخله فسيح جناته .
إنضم إلينا وشارك!
التعليقات