كيف تقرأ في الفلسفة؟

كيف تقرأ الفلسفة؟

لطالما كانت الفلسفة  مركز اهتمام لبعض الفئات، ومركز تنافر من فئات أخرى، البعض يرى الفلسفة ما هي مجموعة طلاسم وتعقيدات لفظية وفكرية، والبعض الآخر يرى أنًّ الفلسفة كفرع من فروع المعرفة هي فرع ممتع وجدير بالاهتمام.

نتيجة كثرة المدارس الفلسفية وتعدد الآراء، بل كثرة التناقضات والاختلاف؛ يجعل من الصعوبة بمكان معرفة كيفية البداية الحقيقية لتعميق معرفتنا الفلسفية؛ ولذا يسألني  أصدقاء كُثر عن القراءات الأمثل خاصةً من غير المختصين في مجال الفلسفة؛ لذا سنخصص تلك الكيفية عن قراءة الفلسفة.

بداية التعرف على الفلسفة

التعرف على الفلسفة يبدأ من معرفة شيئين مهمين:-

الأول: تاريخ الفلسفة والتفلسف.

الثاني: معرفة النظريات والرؤى الفلسفية عبر العصور المختلفة.

بالنسبة لتاريخ الفلسفة والتفلسف؛ سيساعدك على فهم الفلسفة، وكيف انبثقت النظرة الفلسفية؟ وماهية العوامل( الظروف الموضوعية) التي ساعدت في ذلك؟ وعلاقة الفلسفة بالمجتمع. فمثلا عندما نريد التعرف على الفلسفة اليونانية؛ فالطبيعي والمنطقي معرفة تاريخها، ومعرفة تاريخ الفلسفة يتطلب معرفة التاريخ العام( أي معرفة الأحوال السياسية- الاقتصادية- الاجتماعية- الثقافية) باعتبار أن هذه المستويات تمثل مداخل مهمة لقراءة تاريخ الفلسفة والفلسفة على السواء.

أما معرفة النظريات والرؤى الفلسفية: قد تصيب القارىء المهتم بالفلسفة ببعض الضيق والتبرم؛ بسبب صعوبة بعض المصطلحات وغموضها؛ فضلاً عن تعدد الآراء والاختلافات؛ مما يخلق صعوبة في التعرف على الحقيقة؛ رغم أن الحقيقة هي هدف استراتيجي في المباحث الفلسفية.

ضرورة معرفة التوجهات الفلسفية

يمكن أن نقول هناك حزبان- إن جاز التعبير- في الفلسفة، المثاليون، والماديون، وكل فريق منهم له نظرته وطريقة تفكيره وطريقة بحثه، وكل فريق ينقسم عادةً إلى مدارس فرعية .

يجب على القارىء أن يكون على وعي بمنهج كل فريق: المثالي والمادي؛ فذاك المنهج سيحدد انحياز  كل فريق؛ وسيؤثر في طريقة فهمه للإنسان والوجود والطبيعة. المثاليون: هم من ينطلقون من رؤية مثالية، أي يتعتبرون الفكر/ الوعي/ الروح( والمصطلحات الثلاثة بنفس المعنى)؛ أسبق في الوجود أو هو جذر الوجود، مثال ذلك أفلاطون وهيجل.

أما فريق الماديين: فهم يقولون بأسبقية المادة في الوجود أو هي جذر الوجود، وهذا مثلا نراه لدى كارل ماركس. فمن يريد التعرف على الفلسفة سيقابل مثل هذه الآراء والاختلافات. والآن ندخل إلى كيف وماذا نقرأ في الفلسفة.

كيف نقرأ؟

أما عن كيفية القراءة في الفلسفة ، يجب على القارىء المبتدأ أن يكون على درجة عالية من التركيز والصفاء الذهنيين؛ حتى يتثنى له استيعاب الأفكار بسلاسة.

إذا صادفه مفهوم أو مصطلح غامض أو غير مفهوم بالنسبة له: عليه أن يستشير محركات البحث، أو يرجع لبعض المعاجم والقواميس المتخصصة، والتي سنشير  إلى بعضٍ منها في نهاية المقال.

يبدأ القارىء بقراءة تاريخ الفلسفة، وما نسميه بالمداخل أو المبسطات، وهي عبارة عن كتب تتسم بسهولة فهمها؛ وكتب تاريخ الفلسفة تهتم بالجانب  التاريخي الذي يلقي الضوء على تاريخ الفلسفة.

بعد ذلك يمكن قراءة المصادر( أو الكتب الأمهات).

أخيراً ماذا نقرأ في الفلسفة؟

هنا سأرشح أسماء بعض الأعمال والكتب؛ ووذلك من خلال تجربتي الشخصية.

من هذه الأعمال على سبيل المثال وليس الحصر:

1- رواية عالم صوفي

وهي توجز تاريخ الفلسفة في قالب روائي مشوق وجميل، ومن خلال أحداث مثيرة؛ وهي للمؤلف النرويجي جوستاين  غاردر، ومترجمة للعربية منذ العام 1992م.

2- قصة الفلسفة

وهو كتاب للعالم والباحث المعروف صاحب العمل الضخم( قصة الحضارة) الأمريكي ول ديورانت، حيث تتبع ديورانت في كتابه قصة الفلسفة نشأتها وأهم الفلاسفة.

3- كتاب تاريخ الفلسفة

ويقع في ثماني مجلدات ترجمه المفكر الراحل الدكتور إمام عبد الفتاح إمام، والكتاب ألفه: فردريك كوبلستون، وصدر عن المركز القومي للترجمة في مصر عام 2002م. يمكن الاستعانة به من آن لآخر.

3- مبادىء أولية في الفلسفة

هو للفرنسي جورج بوليتزر، وميزة هذا الكتاب؛ أنه يعطي فكرة ممتازة عن الفرق بين الرؤية المثالية والرؤية المادية.

4-المادية والمثالية.

وهو لجورج بوليتزر كذلك، وننصح به لأهميته.

أما الكتب الفلسفية ذاتها، فهي كثيرة ومتعددة، ومن المهم العودة إلى المصادر الفلسفية:

الجمهورية لأفلاطون- السياسة لأرسطو- آراء أهل المدينة الفاضلة للفارابي- تأملات في المنهج لديكارت- الروح لهيجل، وهذه أمثلة.

معاجم فلسفية

هناك معاجم فلسفية متخصصة وموسوعات، منها: المعجم الفلسفي لجميل صليبا، وهناك كذلك المعجم الفلسفي لمراد وهبة، موسوعة الفلسفة للدكتور عبد الرحمن بدوي، والموسوعة الفلسفية لمجموعة من العلماء السوفييت، ومعجم الفلاسفة لجورج طرابيشي.

سنحاول في مقالات قادمة تفصيل ذلك أكثر، كم سنخصص جزء خاص بكيف نقرأ الفلسفة  الإسلامية؟

ممدوح مكرم

باحث في العلوم السياسية والتاريخ.

الكاتب : ممدوح مكرم كاتب
اخبرنا شيئا عن نفسك.

إنضم إلينا وشارك!

إنضم إلينا الان
انضم إلى مجتمعنا. قم بتوسيع معرفتك وشارك أفكارك ومقالاتك!

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن