كيفية استقبال شهر رجب

 شهر رجب هو أحد الشهور الهجرية المعظمة؛ حيث أنه واحد من الأربعة أشهر الحُرم التي حرَّم الله فيها القتال، وقد ورد ذلك في قوله تعالى “إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ”، وقد عُرفت الأشهر الحرم بأنها (ذو القعدة، ذو الحجة، المحرم، ورجب).

وقد جاءت تسمية شهر رجب نسبةً إلى كلمة الترجيب، وهي بمعنى “التعظيم”، كما أن المسلمين ينتظرون هذا الشهر الكريم بلهفةٍ لكونه يسبق شهر شعبان، ومن ثَمّ يأتي شهر رمضان المبارك بنفحاته الطيبة على العالم الإسلامي أجمع، ولذلك يرغب المسلمون في معرفة كيفية استقبال شهر رجب، وهل الصيام التطوعي فيه أفضل من الأيام الأخرى على مدار العام.

ومما ورد عن تعظيم هذا الشهر أن الإمام الطبري قد ذكر عن قتادة في “تفسيره” أنه قال: “إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئةً ووِزْرًا من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حالٍ عظيمًا، ولكن الله يعظِّم من أمره ما شاء”.

ومن فضائل هذا الشهر أنه حدثت كذلك فيه معجزة الإسراء والمعراج، وهي المعجزة الكبرى التي ورد ذكرها في قوله تعالى “سُبْحَانَ الَّذي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”، وبذلك فإن هذا الشهر الكريم قد كرَّمه الله تعالى، ومن الضروري أن يلتفت المسلمون إلى الإكثار من الأعمال الصالحة في هذا الشهر المبارك.

حكم الصيام في شهر رجب:

من المؤكد أن صيام النافلة قد شرعه الله تعالى على مدار العام؛ فمن رغب في الاستزادة من طاعة الله والتقرب إليه؛ فعليه بالصيام كأحد النوافل المقربة للمولى عزّ وجل، وكذلك الحال في شهر رجب؛ فهو فيه من الأيام كباقي أشهر العام، ولكن بلا اعتبار أن الصيام في رجب يختلف عن غيره من الأشهر؛ لأنه لم يرد أي نص ديني يؤكد فضله في الصيام عن غيره؛ بل يتأكد من ذلك أنه كسائر الأشهر فيما يخص الصيام.

وأما ما ورد بأصل صيام ثلاثة أيام من الشهر سواءً في أوله أو في نصفه؛ فقد كان ذلك من السنن الثابتة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع أشهر السنة، وقد ورد عن معاذة العدوية سؤالها لعائشة رضي الله عنها بقولها: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم. فقلت لها: من أي أيام الشهر كان يصوم؟ قالت: لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم. رواه مسلم.

وقد وردت بعض الأحاديث الضعيفة فيما يخص صيام شهر رجب وفضائله عن غيره، ولكن مما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصم الثلاثة أشهر تباعًا وهم رجب وشعبان ورمضان، وفي ذلك قال الإمام بن القيم “ولم يصم صلى الله عليه وسلم الثلاثة الأشهر سردا (أي رجب وشعبان ورمضان) كما يفعله بعض الناس ولا صام رجبًا قط ولا استحب صيامه”.

ومما سبق يتضح أن شهر رجب هو شهر كريم له قدسية عند الله تعالى؛ غير أن الصيام فيه ليس بأفضل من غيره من الأيام، ويجوز فيه الصيام كسائر أيام العام، ولكن دون الاعتقاد بأنها أيام أفضل للصيام عن غيرها، وعلى كل مسلم أن يعرف أن عبادة الله واجبة في كل وقتٍ وحين، وعليه أن يستقبل الشهر الفضيل بالطاعات وتعظيم حرمات الله؛ ليستعد لما يأتي بعده، وكأنه يزرع ثماره الطيبة قبل شهر رمضان المبارك.

الكاتب : نسمة أبو النصر كاتب
اخبرنا شيئا عن نفسك.

إنضم إلينا وشارك!

إنضم إلينا الان
انضم إلى مجتمعنا. قم بتوسيع معرفتك وشارك أفكارك ومقالاتك!

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن