سلسلة الأخلاق | حسن الظن بالله

فإن المحسن أحسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه، ولا يخلف وعده، ويقبل توبته، وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه.

ضجيج وصخب الحياة

علا ضجيج الحياة، وكثر الصخب، وكثرت متطلبات المعيشة، وطفت المشاكل مع ارتفاع الأسعار، وعلت نبرة السخط والقنوط، واليأس والتشاؤم مع كثرة النزاعات والفتن والحروب التي تعصف بالدول والشعوب والمجتمعات، ومع تعدد الكوارث والحوادث، ومع حلول الأمراض والأوبئة وانتقالها من إنسان لآخر. وهنا يتساءل الكثير إلى متى نعيش في تلك المشاكل؟

 

ضعف الوازع الديني وفساد القيم

وما الذي أصاب نفوس كثير من الناس فغشت السلع وارتفعت الأسعار، هل ذلك ضعف في الوازع الديني أم فسادا في القيم والأخلاق؟ هل هو التنافس على الدنيا ونسيان الآخرة؟ وهل لهذه المشاكل والابتلاءات من نهاية؟ وكيف يمكن للإنسان أن يعيش في ظل هذه الأوضاع بنفس مطمئنة؟

 

البحث عن الطمائنينة والسكينة

وكيف يستطيع الإنسان أن يتجاوز ويخرج من تلك الحياة وقد حفظ دينه وأمانته وأخلاقه، وقام بما عليه من واجبات؟ وهل يجب أن يتفاءل ويستبشر بقدوم الفرج وتبدل الأحوال وتغير الظروف وزوال الغمة وحلول النعمة، رغم ما يحيط بالإنسان وما يظهر له وما ينزل بساحته وحياته، من مصائب وابتلاءات؟ وما هي تلك القوة التي يجب أن يلجأ إليها الإنسان ويثق بها ويستمد منها العون، والنصر، والمدد، ما هلا تلك القوة التي نطلب منها تغيير الظروف وتبديل الأحوال؟

 

التمسك بالإيمان والإسلام وقت الأزمات

أن الإسلام، هو ذلك النور هو ذلك الشعاع الذي يضيء في ظلمات الحياة، وهو طوق النجاة، وهو الدليل لنا في الطريق، وبه تتضح السبل، وبالإسلام تنمو شجرة الحياة، وترتفع صروح العمران، وبه تذوق الإنسانية طعم السعادة، وتشعر ببهجته الحياة، فتنشرح النفوس في وقت الضيق والكروب والأزمات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس؛ إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا، كتاب الله، وسنة نبيه.

 

حسن الظن بالله

لقد علمنا الإسلام حسن الظن بالله مع الأخذ بالأسباب وإن لم نأخذ بالأسباب أصبح الأمر تمنى يرافقه عجز وتواكل وليس توكل الله

يقول تعالى: (وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد)

أن المتأمل لتلك الآية يجد جزع الناس على أنفسهم، وذراريهم وأنعامهم وحرثهم، وقد جف الضرع، وماتت الأرض، وسط رمضاء محرقة، وقيظ قاتل، وجفاف شديد. وقد رغب العباد إلى الله، وضج الناس بالدعاء حتى تقطعت بهم الآمال، وأيقنوا بالهلاك والبوار، وإذا بغيث يفجرهم من السماء مدرارا، ناشرا آثار رحمة الله -سبحانه وتعالى-  في فجاج الأرض وشعابها؛ لتحيي الأرض، والنفوس، والأرواح، بعد يأسها وموتها.

 

أن من حسن الظن بالله اللجوء إليه بالدعاء

فلا بد من أن نحسن الظن بالله، ونلجأ إليه، فإنه القادر على تغيير كدر الحياة إلى صفو، واليأس والقنوط إلى أمل وانشراح الصدر، أن من الإيمان الثقة في قدرة الله وحكمته سبحانه وتعالى، ونثق في رحمته التي وسعت كل شيء، ويعتقد المسلم أن كل شيء في هذا الكون لا يقع إلا بأمر الله لحكمة هو يعلمها، وان كل إمرة خير سبحانه وتعالى فأحسن ظنك بالله، وعلق رجاؤك به، وإياك وسوء الظن بالله، فإنه من الموبقات المهلكات، قال تعالى: الظانون بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا

 

أن من حسن الظن بالله حسن العمل

أن حسن الظن بالله تعالى يقتضي حسن العمل، من صلاة، وصيام، وصدقة، وقيام ليل، وإعانة مكروب، وإغاثة ملهوف، ثم يحسن الظن بأن الله تعالى يقبل منه طاعته، وكيف يحسن العبد ظنه بالله تعالى، وهو يبارز الله جل جلالة، وعز سلطانة بالذنوب والعصيان؛ فهذا دأب العاجزين الذين ليس لديهم نفسا لوامة، قال ابن القيم رحمه الله: ولا ريب إن حسن الظن إنما يكون مع الإحسان، فإن المحسن أحسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه، ولا يخلف وعده، ويقبل توبته، وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه

 

من عرف الله حقا المعرفة أحسن الظن بالله

إذا رأيت شخصا متشائما ينشر ما هو سلبي ويتجاهل الإيجابي قانطا من رحمة ربه فابحث عن حاله مع ربه، أين هو من الله، واين هو من معرفته بالله، فمن عرف الله حق المعرفة، عرف أن الله غافر الذنب وقابل التوب، وان الله كريم، حليم، تواب، رحيم

الكاتب : أحمد الجازوى كاتب نشيط
اخبرنا شيئا عن نفسك.

إنضم إلينا وشارك!

إنضم إلينا الان
انضم إلى مجتمعنا. قم بتوسيع معرفتك وشارك أفكارك ومقالاتك!

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن